فيلم سيناريو
يفاجئ الممثل السوري قصي خولي بصفته مخرجاً لفيلم روائي قصير حمل اسم
«سيناريو». المفاجأة طيبة بطبيعة الحال، فالفيلم يحمل شحنة تعبيرية قوية ومبشرة،
وان بدت بعضها زائداً، فإن هذا لا يضيرها كتجربة أولى.
تتحرك الكاميرا من فوق بقعة ماء صغيرة في حارة شعبية صعوداً الى الأعلى، وكأنها تواكب صعود الروح منذ البداية على وقع أغنية «أسامينا» للسيدة فيروز. الكاميرا بفعلها الواعي تكشف مصير البطل (النحات في الحياة الواقعية عيسى ديب)، والذي يستعير هنا في الفيلم دور سيناريست كبير يعمل على التفاصيل الصغيرة بدأب نحات لا علاقة له بمنحوتات من أي نوع: (الاستماع الى الرسائل الهاتفية المسجلة، وهو الشيء الوحيد الذي يقودنا الى التعرف الى مهنته - تناول قرص فيتامين c – تسجيل ملاحظة
تتحرك الكاميرا من فوق بقعة ماء صغيرة في حارة شعبية صعوداً الى الأعلى، وكأنها تواكب صعود الروح منذ البداية على وقع أغنية «أسامينا» للسيدة فيروز. الكاميرا بفعلها الواعي تكشف مصير البطل (النحات في الحياة الواقعية عيسى ديب)، والذي يستعير هنا في الفيلم دور سيناريست كبير يعمل على التفاصيل الصغيرة بدأب نحات لا علاقة له بمنحوتات من أي نوع: (الاستماع الى الرسائل الهاتفية المسجلة، وهو الشيء الوحيد الذي يقودنا الى التعرف الى مهنته - تناول قرص فيتامين c – تسجيل ملاحظة
ابنة شقيقته بخصوص
«البونبون» – مداعبة القفص الذي يحوي داخله طيراً - النزول على الأدراج في رحلته
الأخيرة المعلومة).
يمشي «الكاتب الكبير» في زقاق ضيق حيث يلتقي وجهاً لوجه بطفل صغير له سحنة غريبة.
تلتقي نظراتهما ويقرر هو بعد تحية الطفل له بـ «صباح الخير عمو» أن يثبت وجهه في
الصورة حيث تأخذ طبيعة لونية أخرى . هذا التثبيت سيكون سلاح الكاتب في معركته
النهارية الأخيرة مع التفاصيل الكثيرة التي ستصادفه في طريقه. سيلتقي بأناس تحولوا
الى جماد، وبدوا كما لو أنهم غادرونا منطفئين الى أزمنة أخرى. شيء يذكر ببعض مشاهد
فيلم «الخالدة» لآلن روب غرييه (1963). المتسكع في الحديقة. بعض وجوه السوق
الشعبية التي يمر فيها. ماسح الأحذية الماكر... الخ.
على أن الفيلم لن يمتلك قوته الا بصعود البطل الى حافلة عمومية (فان). وفيها
التجمع البشري الأخير الذي سيشهد على حريته التي يبحث عنها، ففي هذه اللحظة تتجمع
دقائقه الأخيرة في الحافلة البيضاء. وعادة تبدأ الأمور هكذا، وقد لا تنتهي الا الى
مشهد يحمل قيمة تجريدية أكثر مما نفترض في مثل هذه الحالة، اذ تنقلب الحافلة نتيجة
رعونة السائق. ربما هي السرعة التي أرادت لركاب هذه الحافلة بالتحديد أن يلاقوا ما
لاقوه، فيما هم يتنافسون على مضايقة صبية حلوة (تاج حيدر) بغية التحرش فيها، ان لم
يكن الاحتكاك فالنظرات، باستثناء الكاتب الكبير الذي لم يكن يملك سوى سكينة
تراجيدية تسمح لها هي الأخرى بالانشغال بنظراته التي لا تكتمل الا مع انقلاب
الحافلة. أو هي درجة ميل الكاميرا ،لأن سقوط حبات البرتقال وبقائها على الأرضية
(لفضح زيف الحادثة ربما) وخروج الركاب ركضاً لا يوحيان بأن هنالك انقلاباً
حقيقياً، فما يريده البطل هو الانعتاق الذي يخصه هو ولا يخص الآخرين، اذ يغمض
عينيه الى الأبد.
وهنا تعود الكاميرا وحدها من دون اضطراب يذكر الى منزل الكاتب الكبير وقد فتح
الباب على مصراعيه بما يشبه بروفة لخروج الطير من القفص، ولتتوقف ثانية أمام آلة
التسجيل التي ستدور من تلقاء نفسها من أجل مواصلة أغنية «أسامينا» ثم تتجه نحو
بورتريه للكاتب نفسه وضعت عليه شارة سوداء ربما بدت غريبة وفضحت لحظ الانعتاق كما
أرادها صاحبها.
على أي حال يظل فيلم «سيناريو» للمخرج السوري الشاب قصي خولي، وكان قد شارك به في
الدورة الأخيرة لمعهد العالم العربي بباريس يحمل تباشير سينما سورية جديدة، وان
بدا في بعض نتاجاتها أنها تخالف قوانين السينما المستقلة باعتمادها على امكانات
الشركات الكبيرة، فما من استقلالية تكون ناجزة دوماً.
سيناريو, 30 دقيقة
إنتاج, تأليف, وإخراج : قصي عميد خولي
تمثيل : عيسى ديب
تصوير : يزن شربتجي
إنتاج عام 2005
إنتاج, تأليف, وإخراج : قصي عميد خولي
تمثيل : عيسى ديب
تصوير : يزن شربتجي
إنتاج عام 2005
Comments